مرحباً بك يا [ خروج ]
منتديات السفير المجد للتربية والتعليم
اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث Images
منتديات السفير المجد للتربية والتعليم
اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث Images


أهلا وسهلا بك إلى منتديات السفير المجد للتربية والتعليم.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

منتديات السفير المجد للتربية والتعليم
 

منتديات السفير المجد للتربية والتعليم ::  منتديات الإسلاميات
 :: منتدى القرآن والتفسيـــر

شاطر

اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث I_icon_minitimeالخميس 21 فبراير 2013 - 22:38
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
essafir elmejid
الرتبه:
essafir elmejid
الصورة الرمزية

السفير المجد

البيانات
الدولة : اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث 610
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1999
تاريخ التسجيل : 23/11/2012
الموقع : جيجل
العمل/الترفيه : استاذ مكون
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
https://essafirelmejid.yoo7.com

مُساهمةموضوع: اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث
♥ سبحــآآن آللـھ?ہ ? بحمدھ? سبحــآآن آللـھ?ہ آلعظيّـمَ ♥

اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث


اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث

إعجاز النظم في القرآن الكريم

لإعجاز النظم عدة مظاهر تتجلى فيها :

المظهر الأول : \" الخصائص المتعلقة بالأسلوب \"

و إليك هذه الخصائص :

الخاصة الأولى : إن هذا الأسلوب يجري عن نسق بديع خارج عن المعروف من نظام
جميع كلام العرب ، و يقوم في طرقته التعبيرية على أساس مباين للمألوف من
طرائقهم . بيان ذلك أن جميع الفنون التعبيرية عند العرب لا تعدو أن تكون
نظما أو نثرا ، وللنظم أعاريض ، وأوزان محددة معروفة ، و للنثر طرائق من
السجع ، و الإرسال و غيريهما مبينة و معروفة . و القرآن ليس على أعاريض
الشعر في رجزه و لا في قصيده ، وليس على سنن النثر المعروف في إرساله و لا
في تسجيعه ، إذ هو لا يلتزم الموازين المعهودة في هذا و لا ذاك ، و لكنك مع
ذلك تقرأ بضع آيات منه فتشعر بتوقيع موزون ينبعث من تتابع آياته ، بل يسري
في صياغته ، و تألف كلماته ، و تجد في تركيب حروفه تنيسقاً عجيباً يؤلف
اجتماعها إلى بعضها لحنا مطرباً يفرض نفسه على صوت القارئ العربي كيفما قرأ
، طالما كانت قراءته صحيحة . و مهما طفت بنظرك في جوانب كتاب الله تعالى و
مختلف سوره وجدته مطبوعاً على هذا النسق العجيب فمن أجل ذلك تحير العرب في
أمره ، إذ عرضوه على موازين الشعر فوجدوه غير خاضع لأحكامه ، و قارنوه
بفنون النثر فوجدوا غير لاحق بالمعهود من طرائفه فكان أن انتهى الكافرون
منهم إلى أنه السحر ، واستيقن المنصفون منهم بأنه تنزيل من رب العالمين . و
إليك أيها القارئ الكريم بعض الأمثلة التي توضح هذه الحقيقة ، و تجلبها ،
قال تعالى : \" بسم الله الرحمن الرحيم ، حم تنزيل من الرحمن الرحيم ،
كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون ، بشيراً و نذيراً فأعرضوا
أكثرهم فهم لا يستمعون ، و قالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ، وفي
آذاننا وقر ، و من بيننا و بينك حجاب فاعمل إننا عاملون ، قل إنما أنا بشر
مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه و استغفروه وويل
للمشركين \" [سورة فصلت : 1ـ 5].

و هذه الآيات بتأليفها العجيب ، و نظمها البديع حينما سمعها عتبة بن أبي
ربيعة و كان من أساطين البيان استولت على أحاسيسه ، و مشاعره ، وطارت بلبه ،
ووقف في ذهول ، و حيرة ، ثم عبر عن حيرته و ذهوله بقوله : \" و الله لقد
سمعت من محمد قولاً ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر و لا بالسحر و
لا بالكهانة ...و الله ليكونن لقوله الذي سمعته نبأ عظيم\" .

و إليك سورة من سوره القصار تتجلى فيها هذه الحقيقة أمام العيان من ينكرها فكأنما ينرك الشمس في وضح النهار.

بسم الله الرحمن الرحيم : \" و الشمس وضحاها ، والقمر إذا تلاها ، و
النهار إذا جلاها ، والليل إذا يغشاها ، والسماء و ما بناها ، قد أفلح من
زكاها ، وقد خاب من دساها ، كذبت ثمود بطغواها ، إذا انبعث أشقاها ، فقال
لهم رسول الله ناقة الله و سقياها ، فكذبوه فعقروها فدمم عليهم ربهم بذنبهم
فسواها و لا يخاف عقباها \" [سورة الشمس ].

تأمل هذه الآيات ، و كلماتها ، و كيف صيغت هذه الصياغة العجيبة ؟ و كيف
تألفت كلماتها و تعانقت جملها ؟ و تأمل هذا النغم الموسيقي العذب الذي ينبع
من هذا التالف البديع ، إنه إذا لامس أوتاد القلوب : أهتزت له العواطف ن و
تحركت له المشاعر ، و أسال الدموع من العيون ، و خرت لعظمته جباه أساطين
البيان ، أشهد أنه النظم الإلهي الذي لا يقدر على مثله مخلوق .

و هذه الحقيقة توجد في سائر كتاب الله لا تتخلف في سورة من سوره و لا في
آياته ، و من أجل ذلك عجز أساطين البيان عن الإتيان بأقصر من مثله .

و في هذا يقول الرافعي رحمه الله : \" و ذلك أمر متحقق بعد في القرآن
الكريم : يقرأ الإنسان طائفة من آياته ، فلا يلبث أن يعرف لها صفة من الحس
ترافد ما بعدها و تمده ، و فلا تزال هذه الصفة في لسانه ، و لو استوعب
القرآن كله ،حتى لا يرى آية قد أدخلت الضيم على أختها ، أو نكرت منها ، أو
أبرزتها عن ظل هي فيه ، أو دفعنها عن ماء هي إليه : و لا يرى ذلك إلا سواء و
غاية في الروح و النظم و الصفة الحسية ، و لا يغتمض في هذا إلا كاذب على
دخله و نية ، و لا يهجن منه إلا أحمق على جهل و غرارة ، و لا يمتري فيه إلا
عامي أو أعجمي و كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون \" [إعجاز
القرآن للرافعي : ص 275].

الخاصة الثانية : هي أن التعبير القرآني يظل جارياً على نسق واحد من السمو
في جمال اللفظ ، و عمق المعنى و دقة الصياغة و روعة التعبير ، رغم تنقله
بين موضوعات مختلفة من التشريع و القصص و المواعظ و الحجاج والوعود والوعيد
و تلك حقيقة شاقة ، بل لقد ظلت مستحيلة على الزمن لدى فحول علماء العربية و
البيان .

و بيان ذلك ان المعنى الذي يراد عرضه ، كلما أكثر عموما و أغنى أمثلة و
خصائص كان التعبير عنه أيسر ، و كانت الألفاظ أليه أسرع ، وكلما ضاق
المعنى و تحدد ، و دق و تعمق كان التعبير عنه أشق ، و كانت الألفاظ من حوله
أقل .

و لذا كان أكثر الميادين الفكرية التي يتسابق فيها أرباب الفصاحة و البيان
هي ميادين الفخر و الحماسة و الموعظة و المدح و الهجاء ، و كانت أقل هذه
الميادين اهتماماً منهم ، و حركة بهم ميادين الفلسفة و التشريع و مختلف
العلوم ، وذلك هو السر في أنه قلما تجد الشعر يقتحم شيئاً من هذه الميادين
الخالية الأخرى .

و مهما رأيت بليغاً كامل البلاغة و البيان ، فإنه لا يمكن أن يتصرف بين
مختلف الموضوعات و المعاني على مستوى واحد من البيان الرفيع الذي يملكه ،
بل يختلف كلامه حسب اختلاف الموضوعات التي يطرقها ، فربما جاء بالغاية ووقف
دونها ، غير أنك لا تجد هذا التفاوت في كتاب الله تعالى ، فأنت تقرأ آيات
منه في الوصف ، ثم تنتقل إلى آيات أخرى في القصة ، و تقرأ بعد ذلك مقطعاً
في التشريع و أحكام الحلال و الحرام ، فلا تجد الصياغة خلال ذلك إلا في أوج
رفيع عجيب من الإشراق و البيان .و تنظر فتجد المعاني كلها لاحقة بها سامخة
إليها . و دونك فأقرأ ما شئت من هذا الكتاب المبين متنقلا بين مختلف
معانيه ، و موضوعاته لتتأكد من صدق ما أقول ، ولتلمس برهانه عن تجربة و نظر
[عن من كتاب روائع القرآن :للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ] .

و يقول في معرض حديثة عن \" روح التركيب \" في أسلوب القرآن : لا ترى
غير صورة واحدة من الكمال ، و إن اختلفت أجزاؤها في جهات التركيب و موضع
التأليف و ألوان التصوير و أغراض الكلام \" [إعجاز القرآن ص274 و كتاب
تاريخ الأدب العربي للرافعي 241] .

و يقول في معرض حديثه عن \" روح التركيب \" في أسلوب القرآن : \"و
هذه الروح لم تعرف قط في كلا عربي غير القرآن ، و بها انفرد نظمه ، و خرج
مما يطيقه الناس ، و لولاها لم يكن بحيث هو ، كأنما وضع جملة واحدة ليس بين
أجزائها تفاوت أو تباين ، إذ نراه ينظر في التركيب إلى نظم الكلمة ، و
تأليفها ، ثم إلى تأليف هذا النظم ، فمن هنا تعلق بعضه على بعض ، و خرج في
معنى تلك الروح صفة واحدة هي صفة إعجازه في جملة التركيب ، و أن العبارات
على جملة ما حصل به من جهات الخطاب : كالقصص و المواعظ و الحكم و التعليم ،
ضرب الأمثال إلى نحوها مما يقدر عليه .

و لولا تلك الروح لخرج أجزاء متفاوتة على مقدار ما بين هذه المعاني ، و
موقعها في النفوس ، و على مقدار ما بين الالفاظ و الأساليب التي تؤديها
حقيقة و مجازا ، كما تعرف من كلام البلغاء ، عند تباين الوجوه التي يتصرف
فهيا ، على أنهم قد رفهوا عن أنفسهم و كفوها أكبر المؤنة فلا يألون أن
يتوخوا بكلامهم إلى أغراض و معان يعذب فيها الكلام و يتسق القول و تحسن
الصنعة مما يكون أكبر حسنة في مادته اللغوية ، و ذلك شائع مستفيض في مأثور
الكلام إلي غيره ، و افضوا بالكلام إلى المعنى ما يشبه في اثنين متقابلين
من الناس منظر قفا إلى وجه

و على أننا لم نعرف بليغاً من البلغاء تعاطى الكلام في باب الشرع و تقرير
النظر ، و تبيين الأحكام و نصب الأدلة و أقام الأصول و الاحتجاج لها و الرد
على خلافها إلا جاء بكلام نازل عن طبقة كلامه في غير هذه الأبواب ، و أنت
قد تصيب له في غيرها اللفظ الحر و الأسلوب الرائع و الصنعة المحكمة و
البيان العجيب ، والمعرض الحسن فإذا صرت إلى ضروب من تلك المعاني ، وقعت
ثمة على شيء كثير من اللفظ المستكره ، والمعنى المستغلق ، و السياق المضطرب
و الأسلوب المتهافت و العبارة المبتذلة ، و على النشاط متخاذلا ، و العرى
محلولة ، والوثيقة واهنة \" [كتاب إعجاز القرآن للرافعي ] .

الخاصة الثالثة : أن معانيه مصاغة بحيث يصلح أن يخاطب بها الناس كلهم على
اختلاف مداركهم و ثقافتهم و على تباعد أزمنتهم و بلدانهم ، و مع تطور
علومهم و اكتشافاتهم .

خذ آية من كتاب الله مما يتعلق بمعنى تتفاوت في مدى فهمه العقول ، ثم
اقرأها على مسامع خليط من الناس يتفاوتون في المدارك ، والثقافة ، فستجد ان
الآية تعطي كلا منهم معناها بقدر ما يفهم ، و أن كلا منهم يستفيد منها
معنى وراء الذي انتهي عنده علمه .

و في القرآن الكثير من هذا و ذاك فلنعرض أمثلة منه :

من القبيل الأول قوله تعالى : \" تبارك الذي جعل في السماء روجاً و جعل
فيها سراجاً و قمراً منيراً \" فهذه تصف كلا من الشمس و القمر بمعنيين
لهما سطح قريب يفهمه الناس كلهم ، و لها عمق يصل إليه المتأملون و العلماء ،
و لها جذور بعيدة يفهمها الباحثون و المتخصصون ، والآية تحمل بصياغتها هذه
الدرجات الثلاثة للمعنى ، فتعطي طاقته و فهمه .

فالعامي من العرب يفهم منها ان كلا من الشمس و القمر يبعثان بالضياء إلى
الأرض ، وإنما غاير في التعبير عنه بالنسبة لكل منهما تنويعاً للفظ ، و هو
معنى صحيح تدل عليه الآية ، و المتأمل من علماء العربية يدرك من وراء ذلك
أن الآية تدل على أن الشمس تجمع إلى النور الحرارة فلذلك سماها سراجاً ،
والقمر يبعث بضياء لا حرارة فيه .

الخاصة الرابعة : و هي ظاهرة التكرار .

وفي القرآن من هذه الظاهرة نوعان :

أحدهم : تكرار بعض الألفاظ او الجمل .

و ثاينهما : تكرار بعض المعاني كالأقاصيص ، والأخبار .

فالنوع الأول : يأتي على وجه التوكيد ، ثم ينطوي بعد ذلك على نكت بلاغية ،
كالتهويل ، والإنذار , التجسيم و التصوير و للتكرار أثر بالغ في تحقيق هذه
الأغراض البلاغية في الكلام ، و من أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى :
\" الحاقة ما الحاقة ، و ما أدراك ما الحاقة ، كذبت ثمود و عاد بالقارعة
\" و قوله تعالى : \" سأصليه سقر ، و ما أدراك ما سقر ، لا تبقي و لا
تذر \" و قوله تعالى : أولئك الذين كفروا بربهم ، و أولئك الأغلال في
أعناقهم ، وأولئك أصحاب النار \" و قوله تعالى : \" و ما أنت بهادي
العمي عن ضلالتهم ، و ما أنت بمسمع من في القبور \" .

و النوع الثاني : و هو تكرار بعض القصص و الأخبار يأتي لتحقيق غرضين هامين :

الأول : إنهاء حقائق و معاني الوعد و الوعيد إلى النفوس بالريقة التي
تألفها ، و هي تكرار هذه الحقائق في صور و أشكال مختلفة من التعبير و
الأسلوب ، ولقد أشار القرآن إلى هذا الغرض بقوله : \" و لقد صرفنا فيه من
الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا\" [سورة طه 113].

الثاني : إخراج المعنى الواحد في قوالب مختلفة من الألفاظ و العبارة ، و
بأساليب مختلفة تفصيلاً و إجمالاً ، الكلام في ذلك حتى يتجلى إعجازه ، و
يستبين قصور الطاقة البشرية عن تقليده أو اللحاق بشأوه ، إذ من المعلوم أن
هذا الكتاب إنما تنزل للإقناع العقلاء ، من الناس بأنه ليس كلام بشر ، و
لإلزامهم بالشريعة التي فيه ، فلابد فيه من الوسائل التي تفئ بتحقيق
الوسيلة إلى كلا الأمرين .

و من هنا كان من المحال أن تعثر في القرآن كله على معنى يتكرر في أسلوب
واحد من اللفظ ، و يدور ضمن قالب واحد من التعبير ، بل لابد أن تجده في كل
مرة يلبس ثوباً جديداً من الأسلوب ، و طريقة التصوير و العرض ، بل لابد أن
تجد التركيز في كل مرة منها على جانب معين من جوانب المعنى او القصة و
لنضرب لك مثالاً على هذا الذي نقول : بقصة موسى عليه السلام إذ أنها أشد
القصص في القرآن تكراراً ، فهي من هذه الوجهة تعطى فكرة كاملة على هذا
التكرار.

وردت هذه القصة في حوالي ثلاثين موضعاً ، ولكنها في كل موضع تلبس أسلوباً
جديداً و تخرج أخراجاً جديدا يناسب السياق الذي وردت فيه ، و تهدف إلى هدف
خاص لم يذكر في مكان آخر ، حتى لكأننا أمام قصة جديدة لم نسمع بها من قبل .


الخاصة الخامسة :

و هي تداخل أبحاثه ، و مواضيعه في معظم الأحيان فإن من يقرأ هذا الكتاب
المبين لا يجد فيه ما يجده في عامة المؤلفات و الكتب الأخرى من التنسيق و
التبويب حسب المواضيع ، و تصنيف البحوث مستقلة عن بعضها ، و إنما يجد عامة
مواضيعه و أبحاثه لاحقة ببعضها دونما فاصل بينهما ، وقد يجدها متداخل في
بعضها في كثير من السور و الآيات .

و الحقيقة أن هذه الخاصة في القرآن الكريم ، إنما هي مظهر من مظاهر تفرده ،
و استقلاله عن كل ما هو مألوف و معروف من طرائق البحث و التأليف .



المظهر الثاني :



المفردة القرآنية:

إذا تأملت في الكلمات التي تتألف منها الجمل القرآنية رأيتها تمتاز بميزات ثلاثة رئيسية هي :

1 ـ جمل وقعها في السمع.

2ـ اتساقها الكامل مع المعنى .

3ـ اتساع دلالتها لما لا تتسع له عادة دلالات الكلمات الأخرى من المعاني و المدلولات . د

و قد نجد في تعابير بعض الأدباء و البلغاء كالجاحظ و المتنبي كلمات تتصف
ببعض هذه الميزات الثلاثة أما ان تجتمع كلها معا ، و بصورة مطردة لا تتخلف
أو تشذ فذلك مما لم يتوافر إلا في القرآن الكريم .

و إليك بعض الأمثلة القرآنية التي توضح هذه الظاهرة و تجليها :

أنظر إلى قوله تعالى في وصف كل من الليل و الصبح : \" و الليل إذا عسعس و
الصبح إذا تنفس \" ألا تشم راحة المعنى واضحاً من كل هاتين الكلمتين :
عسعس ، و تنفس؟

ألا تشعر أن الكلمة تبعث في خيالك صورة المعنى محسوسا مجسماً دون حاجة للرجوع إلى قواميس اللغة ؟

و هل في مقدورك أن تصور إقبال الليل ، وتمدده في الآفاق المترامية بكلمة أدق و أدل من \" عسعس \" .

و هل تستطيع أن تصور انفلات الضحى من مخبا الليل و سجنه بكلمة أروع من \" تنفس \" . ؟

أقرأ قوله تعالى : \" يأيها الذين آمنوا ، مالكم إذا قيل لكم : انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض \" [سورة التوبة ].

و ادرس الأداء الفني الذي قامت به لفظة \" أثاقلتم \" بكل ما تكونت به
من حروف ، و من صورة ترتيب هذه الحروف ، و من حركة التشديد على الحرف
اللثوية \" الثاء \" و المد بعده ، ثم مجيء القاف الذي هو أحد حروف
القلقلة ، ثم التاء المهموسة ، والميم التي تنطبق عليها الشقتان ، ويخرج
صوتها من الأنف ، ألا تجد نظام الحروف ، وصورة أداء الكلمة ذاتها أوحت إليك
بالمعنى ، قبل أن يرد عليك المعنى من جهة المعاجم .؟ ألا تلحظ في خيالك
ذلك الجسم المثاقل ، يرفعه الرافعون في جهد فيسقط في أيديهم في ثقل ؟ ألا
تحس أن البطء في تلفظ الكلمة ذاتها يوحي بالحركة البطيئة التي تكون من
المثاقل ؟

جرب أن تبدل المفردة القرآنية ، و تحل محلها لفظة \" تثاقلتم\" ألا تحس
أن شيئاً من الخفة و السرعة ، بل و النشاط أوحت به \" تثاقلتم \" بسبب
رصف حروفها ، و زوال الشدة ، وسبق التاء قبل الثاء ؟ إذن فالبلاغة تتم في
استعمال \" أثاقلتم \" للمعنى المراد ، ولا تكون في \" تثاقلتم \" .






المظهر الثالث :



الجملة القرآنية و صياغتها

إن دراسة الجملة القرآنية تتصل اتصالا مباشراً بدراسة المفردة القرآينة لأن
هذه أساس الجملة ، و منها تركيبها ، و إذا كان علماء البلاغة يجعلون
البلاغة درجات ، فإنهم مقرون دون جدل أن صياغة العبارة القرآنية في الطرف
الأعلى من البلاغة الذي هو الإعجاز ذاته . و للإعجاز فيها وجوه كثيرة .

فمنها : ما تجده من التلاؤم و الاتساق الكاملين بين كلماتها ، و بين ملاحق
حركاتها ، و سكناتها ، فالجملة في القرآن تجدها دائماً مؤلفة من كلمات و
حروف ، و أصوات يستريح لتألفها السمع و الصوت و المنطق ، و يتكون من تضامها
نسق جميل ينطوي على إيقاع رائع ، ما كان ليتم لو نقصت من الجملة كلمة أو
حرف أو اختلف ترتيب ما بينها بشكل من الأشكال .

أقرأ قوله تعالى : \" ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ، و فجرنا الأرض
عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر \" و تأمل تناسق الكلمات في كل جملة
منها ، ثم دقق نظرك ، و تأمل تألف الحروف الرخوة مع الشديدة و المهموسة و
المجهورة و غيرها ، ثم حالو تمعن في تأليف و تعاطف الحركات و السكنات و
المدود اللاحقة ببعضها ، فإنك إذا تأملت في ذلك ، علمت أن هذا الجملة
القرآنية . إنما صبت من الكلمات و الحروف و الحركات في مقدار ، و أن ذلك
إنما قدر تقديراً بعلم اللطيف الخبير و هيهات للمقاييس البشرية أن تضبط
الكلام بهذه القوالب الدقيقة .

و منها : إنك تجد الجملة القرآنية تدل بأقصر عبارة على أوسع معنى تام
متكامل لا يكاد الإنسان يستطيع التعبير عنه إلا بأسطر و جمل كثيرة ن دون أن
تجد فيه اختصاراً مخلا ، أو ضعفاً في الأدلة . أقرأ قوله تعالى : \" خذ
العفو ، و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين \" [ سورة الأعراف] .

ثم تأمل كيف جمع الله بهذا الكلام كل خلق عظيم ، لأن في أخذ العفو صلة القاطعين و الصفح عن الظالمين .

و اقرأ قوله تعالى مخاطباً آدم عليه السلام : \" أن لك ألا تجوع فيها و
لا تعرى ، و أنك لا تظمأ فيها و لا تضحى \" ثم تأمل كيف جمع الله بهذا
الكلام أصول معايش الإنسان كلها من طعام و شراب و ملبس ، و مأوى .

و أقرأ قوله تعالى : \" و أوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ، فإذا خفت عيه
فألقيه في اليم و لا تخافي و لا تحزني إنا رادوه إليك و جاعلوه من المرسلين
\" و تأمل كيف جمعت هذه الآية الكريمة بين أمرين و نهيين و خبرين و
بشارتين أما الأمرين فهما : \" أرضعيه ، و ألقيه في اليم ، و أما النهيان
فهما \" لا تخافي \" ، و \" لا تحزني \" .

و أما الخبران فهما \" أوحينا \" و \" خفت \" و أما البشارتان فهما
\" أنا رادوه إليك \" و \" جاعلوه من المرسلين \" .

و تأمل سورة \" الكوثر \" وهي أقصر سورة في القرآن إذ هي ثلاثة آيات
قصار كيف تضمنت ، على قلة آياتها الأخبار عن مغيبين : أحدهما : الأخبار عن
الكوثر \" نهر في الجنة \" و عظمته و سعته و كثرة أوانيه , الثاني :
الإخبار عن \" والوليد بن المغيرة \" و كان عند نزولها ذا مال وولد ،
ثم أهلك الله سبحانه ماله وولده ، وانقطع نسله

ومنها : أخراج المعنى المجرد في مظهر الأمر المحس الملموس ، ثم بث الروح و الحركة في هذا المظهر نفسه .

و مكمن الإعجاز في ذلك ، أن الألفاظ ليست إلا حروفاً جامدة ذات دلالة
لغوية على ما أنيط بها من المعاني ، فمن العسير جداً أن تصبح هذه الألفاظ
وسيلة لصب المعاني الفكرية المجردة في قوالب من الشخوص و الأجرام و
المحسوسات ، تتحرك في داخل الخيال كأنها قصة تمر أحداثها على مسرح يفيض
بالحياة و الحركة المشاهدة الملموسة . أستمع إلى القرآن الكريم و هو يصور
لك قيام الكون على أساس من النظام الرتيب و التنسيق البديع الذي لا يتخلف ،
و لا يلحقه الفساد ، فيقول : \" إن ربكم الله خلق السموات و الأرض في
ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً ، و الشمس و
القمر و النجوم مسخرات بأمره إلا له الخلق و الأمر \" [الأعراف 54].

إنه يصور لك هذا المعنى في مظهر من الحركة المحسوسة الدائرة بين عينيك ، و
كأنها أمام آلات تتحرك بسرعة دائبة في نظام مستمر يعيها و تصورها الشعور و
الخيال .











الباحثون في القرآن يجمعون على إعجازه



الجاحظ و رأيه في بلاغة القرآن :

الجاحظ هو مؤسس البيان العربي بلا منازع ، هو أبو عثمان بن بحر بن محبوب
الكتاني ، المعروف بالجاحظ البصري ولد سنة 150 هـ و توفي سنة 255هـ .

ففي رسالة له بعنوان حجج نبوية يقول : \" إن محمد صلى الله عليه و سلم
مخصوص بعلامة ، لها في العقل موقع كموقع فلق البحر في العين .. ذلك قوله
لقريش خاصة و للعرب عامة مع من فيها من الشعراء و الخطباء و البلغاء ،
والحكماء و أصحاب الرأي و المكيدة ، والتجارب و النظر في العامة \" إن
عارضتموني بسورة واحدة فقد كذبت في دعواي ، و صدقتكم في تكذيبي \" ثم
يقول \" و لا يجوز أن يكون مثل العرب في كثير عددهم و اختلاف عللهم و
كلامهم ، وهو سيد علمهم ، وقد فاض بيانهم ، و جاشت به صدورهم ، وغلتهم
قوتهم عليه عند أنفسهم ، حتى قالوا في الحيات ، والعقارب و الذئاب و الكلاب
، والخنافس ، والحمير و الحمام و كل ما دب على الأرض و لاح لعين ، وخطر
على قلب و لهم أصناف النظم ، و ضروب التأليف .. كالقصيد، والرجز ، و
المزدوج و المتجانس و الاستماع و المنثور و بعد فقد هاجوه من كل جانب ، و
هاجا أصحابه شعرائهم ، و نازعوه خطباءهم و حاجوه في الموقف و خاصموه في
الموسم ، و باروه العداوة ، وناصبوه الحرب ، فقتل منهم و قتلوا منه .. و هم
أثبت الناس حقداً ، و أبعدهم مطلباً ، و أذكرهم لخبر أو الشر ، و أبقاهم
له ، و أهجاهم ثم لا يعارضه معارض ، ولم يتكلف ذلك خطيب و شاعر .

ثم يقول : و محال في التعارف و مستنكر في التصادف أن يكون الكلام أقصر
عندهم , و أيسر مئونة عليهم ، وهو أبلغ في تكذيبه ، و أنقض لقوله , أجدر أن
يعرف ذلك أصحابه ، فيجتمعوا على ترك استعماله و الاستغناء عنه ، وهم
يبذولون مهجهم و أموالهم و يخرجون من ديارهم في إطفاء أمرهم و توهين و لا
يقولون ، بل و لا يقول واحد من جماعتهم ، لم تقتلوا أنفسكم وتستهلكوا
أموالكم , تخرجون من دياركم و الحيلة في أمره ميسرة و المأخذ في أمره قريب ؟

ليؤلف واحد من شعرائكم و خطبائكم كلاماً في نظم كلامه ، كأصغر سورة يحتكم
بها ، و كأصغر آية دعاكم إلى معارضتها ، بل لو نسوا ما تركهم حتى يذكرهم ،
ولو تغافلوا ما ترك أن ينبههم ، فدل ذلك العاقل على أن أمرهم في ذلك لا
يخلو ا من أحد أمرين :

إما أن يكونوا عرفوا عجزهم ، و أن مثل ذلك لا يتهيأ لهم ، فرأوا أن الأعراض
عن ذكره ، والتغافل عنه في هذا الباب أمثل لهم في التدبير ، و أجدر ألا
ينكشف أمرهم للجاهل و الضعيف ، و أجدر أن يجدوا إلى الدعوة سبيلاً ، وإلى
اختراع الأنباء سبباً.

و إلا أن يكون غير ذلك ، و لا يجوز أن يطبقوا على ترك المعارضة و هم يقدرون
عليها ، لأنه لا يجوز على العدد الكثير من العقلاء و الدهاة و الحكماء مع
اختلاف عللهم ، و بعد همهم ، و شدة عداوتهم ، بذلك الكثير ، و صون اليسير
فكيف على العقلاء لأن تحبير الكلام أهون من القتال و من إجراء المال
أ. هـ .







مسيحوا العصر الحديث يعترفون بعظمة القرآن



أعترف الدكتور ماردريس المستشرق الفرنسي بعظمة القرآن الكريم و ذلك إثر
بعد أن كلفته وزارتا الخارجية و المعارف الفرنسية بترجمة ( 62) سورة من
السور الطوال التي لا تكرار فيها ففعل و قال في مقدمة ترجمته الصادرة 1926م
أما أسلوب القرآن فهو أسلوب الخالق جل و علا فإن الأسلوب الذي ينطوي على
كنه الخالق الذي صدر عنه هذا الأسلوب لا يكون إلا إلهاً ، والحق الواقع أن
أكثر الكتاب شكاً و ارتيابا قد خضعوا لسلطان تأثيره .

و يورد الأستاذ محمد صادق الرافعي بعض تصريحات لمسيحيين عن بلاغة القرآن
من هؤلاء أديب الملة المسيحية هو الشيخ إبراهيم اليازجي وهو أبلغ كاتب
أخرجته المسيحية ، وذلك في كتابه ( نجعة الرائد ) و كذلك أورد الدكتور حين
حسن ضياء الدين تصريحاً لأحد المسيحين يتضمن إعجابه بالإعجاز البياني
بالقرآن الكريم و هذا الأديب الشاعر هو الشاعر المعاصر ( نقولا حنا ) .









الإعجاز و البلاغة



لقد نشب صراع حاد و عنيف بين علماء البلاغة حول الصور والألوان البلاغية في القرآن الكريم ، هل هي معجزة أو غير معجزة ؟

ففريق منهم يرى أنها معجزة ، و يجعلها من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم ،
وفريق يرى أنها غير معجزة ، و ينفي أن تكون من وجوه الإعجاز في القرآن
الكريم ، ومن هذا الفريق \" أبو بكر الباقلاني .

و المسألة تحتاج إلى بحث و تحقيق ، وفي هذا الفصل من البحث سأقوم بتحقيقها ،
و إظهار وجه الصواب فيها فأقول طالباً العون و التوفيق من الله وحده :

إن هذه الصورة و الألوان معجزة في القرآن ، وإعجازها راجع إلى نظمها ،
فالقرآن الكريم كما سبق أن وصحنا معجز بنظمه ، و هذه الصور و الألوان قد
اقتضاها هذا النظم المعجز فأصبحت جزءا منه فتكون معجزة و لقد أشار إلى ذلك
الشيخ عبد القاهر الجرجاني عندما تعرض لتوضيح الاستعارة في قوله : تعالى
\" و أشتعل الرأس شيباً \" فقال : \" إن في الاستعارة ما لا يمكن
بيانه إلا من بعد العلم بالنظم و الوقوف على حقيقته .

و من دقيق ذلك و خفيه أنك ترى الناس إذا ذكروا قوله تعالى : \" و اشتعل
الرأس شيباً \" لم يزيدوا فيه على ذكر الاستعارة ، ولم نيسبوا الشرف إلا
إليها ، ولم يروا للمزية موجباً سواها ، هكذا ترى الأمر في ظاهر كلامهم ، و
ليس الأمر على ذلك ، و لا هذا الشرف العظيم ، و لا هذه المزية الجليلة ،
وهذه الروعة التي تدخل على النفوس عند هذا الكلام لمجرد الاستعارة و لكن
لأن يسلك بالكلام طريق ما يسند الفعل فيه إلى الشيء ، وهو لما هو من سببه ،
فيرفع به ما يسند إليه ، و يؤتي بالذي الفعل له في المعنى منصوباً بعده ،
مبينا أن ذلك الإسناد، و تلك النسبة إلى ذلك الأول إنما كان من أجل هذا
الثاني ، و لما بينه و بينه من هذا الاتصال و الملابسة كقولهم : طاب زيد
نفساً وقر عمرو عينا ، و تصبب عرقاً ، و كرم أصلاً ، و حسن وجهاً و أشباه
ذلك مما تجد منقولا عن الشيء إلى ما ذلك الشيء من سببه ، و ذلك أنا نعلم أن
\" اشتعل \" للشيب في المعنى ، و أن كان هو الرأس فقط ، كما أن ما
أسند إليه ، يبين أن الشرف كان لأن سلك فيه هذا المسلك و توخى به هذا
المذهب ، أن تدع هذا الطريق فيه ، و تأخذ اللفظ فتسنده إلى الشيب صريحاً
فتقول : \" اشتعل الرأس \" أو \" الشيب في الرأس \" ، ثم تنظر هل
تجد ذلك الحس ، و تلك الفخامة .؟ و هل ترى الروعة التي كنت تراها ؟ فإن قلت
: فما السبب في أن كان \" اشتعل \" إذا استعير للشيب على هذا الوجه
كان له الفضل ، ولم بأن بالمزية من الوجه الآخر هذه البينونة ؟ فإن السبب
أنه يفيد مع لمعان الشيب في الرأس ، الذي هو أصل المعنى ، الشمول ، وأنه قد
شاع فيه ، وأخذه من نواحيه ، وأنه قد استقر به ، و عم جملته ، حتى لم يبق
من السواد شيء ، أو لم يبق منه إلا ما لا يعتد به . وهذا ما لا يكون إذا
قيل : \" أشتعل شيب الرأس \" أو \" الشيب في الرأس بل لا يوجب اللفظ
حينئذ أكثر من ظهوره فيه على الجملة ، ووزان ذلك أن تقول : اشتعل البيت
عليه ، و أخذت في طرفيه ووسطه ، و تقول \": اشتعلت النار في البيت \"
فلا يفيد ذلك ، بل لا يقتضي أكثر من وقوعها فيه ، و أصابتها جانباً منه ،
فأما الشمول ، وأن تكون قد استولت على البيت ، و ابتزته فلا يعقل من اللفظ
التفجير للعيون في المعنى ، ووقع على الأرض في اللفظ ألبته . و نظير هذا
في التنزيل قوله تعالى : \" و فجرنا الأرض عيرانا \" التفجير للعيون في
المعنى وواقع على الأرض في اللفظ كما أسند هناك الاشتعال إلى الرأس . وقد
حصل بذلك من معنى الشمول ها هنا مثل الذي حصل هناك .

و ذلك أنه قد أفاد أن الأرض قد كانت صارت عيونا كلها ، و أن الماء كان
يفور من كل مكان فيها و لو أجرى اللفظ على ظاهره فقيل : \" و فجرنا عيون
الأرض \" ، \" أو العيون في الأرض \" لم يفد ذلك ، ولم يدل عليه ، و
لكان المفهوم منه أن الماء قد كان فار من عيون متفرقة في الأرض ، و تنبجس
من أماكن فيها \" [ دلائل الإعجاز للجرجاني ص79 ـ80].

من هذا النص يتضح لنا أن عبد القاهر يرجع جمال الاستعارة و شرفها ور وعتها
في القرآن الكريم إلى نظمها العجيب البديع ، و كم كنت أود أن يتناول هذا
الأديب الذواقة الصور و الألوان البلاغية في القرآن بهذه العبارة الفياضة و
بتك الطريقة البيانية الرائعة التي تشف عن الجمال الأخاذ و الإعجاب الرائع
الذي يكمن في هذه الصور ، و ينبع من نظمها العجيب الذي لا يقدر على مثله
بشر ، و لكنه وقف عند لمحة من لمحاته الجزئية شأنه في ذلك شأن غيره من
بلغاء عصره .

من روائع التشبيه في القرآن الكريم :

قال تعالى : \" إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فأختلط به
نبات الأرض مما يأكل الناس و الأنعام ، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها و أزينت
و ظن أهلها أنهم قادرون عليها ، أتاها أمرنا ليلاً أو نهارا فجعلناها
حصيداً كأن لم تغن بالأمس \" سورة يونس 24

شبه القرآن حال الدنيا في سرعة تقضيها و انقراض نعيمها ، و اغترار الناس
بها ، بحال ماء نزل من السماء و أنبت أنواع العشب ، وزين بزخارفها وجه
الأرض كالعروس إذا أخذت الثياب الفاخرة ، حتى إذا طمع أهلها فيها ، و ظنوا
أنها مسلمة من الجوائح أتاها بأس الله فجأة فكأنها لم تكن بالأمس .

تأمل بعقلك و خيالك و ذوقك نظم الآية الكريمة أنها مكونة من عشر جمل لو سقط
منها شيء اختل التشبيه ، وانظر إلى هذه الجمل تجد كل جملة تعبر عن مشهد من
مشاهد الحياة الدنيا ، و قد رتبت ترتيبا عجيبا ً كان كل جملة منها تلد
التي تليها ، وقد تكونت كل جملة من طائفة من الكلمات تألفت بأصواتها و
ظلالها و أجراسها فعبرت أصدق تعبير عن المشهد الذي استقلت به ، أن نظمها أو
حرفا بأخر اختل بمقدار ، بحيث إذا أخرت أو قدمت أو غيرت كلمة بأخرى أو
حرفا بآخر اختل المعنى ، و تبعثرت مشاهد الصورة الدنيوية .

قال تعالى : \" مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في
يوم عاصف ، لا يقدرون على شيء مما كسبوا \" [سورة إبراهيم : 18] .

الذين كفروا في ضياعها ، و ذهابها إلى غير عودة بهيئة رماد تذروه الرياح و تذهب به بددا إلى حيث لا يتجمع أبدأ .

تأمل نظم الآية تجد كل كلمة قارة في مكانها ، مطمئنة في موضعها لا تشكو
قلقاً و لا اضطراب ، معبرة في دقة و صدق عن معناها ، و تأمل تناسق الكلمات و
تألقها ، و ترتيب الجمل و تعانقها ، و مخارج الحروف و أصواتها ، و إيحاءات
الألفاظ و اشاراتها تجد نظماً عجيباً لا يقدر عليه إلا خالق الأرض و
السماوات .

تأمل كلمة \" رماد \" إنها توحي بخفة الوزن ، و تأمل ، \" اشتدت
\" فإنها توحي بسرعة الرياح و تأمل كلمة \" عاصف \" فإنها توحي
بالعنف .

و تأمل كيف أبرز لك هذا التشبيه ببديع نظمه الصورة حية متحركة كأنك تراها و تلمسها .

قال تعالى : \" و مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مراضاة الله ،
وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل ، فأتت أكلها ضعفين ، فإن
لم يصبها وابل فطل \" سورة البقرة 265.

شبه القرآن الصدقات التي تنفق ابتغاء مرضات الله في كثرة ثوابها و مضاعفة
أجرها بجنة فوق ربوة أصابها مطر غزير فأخصبت تربتها ، و تضاعف أكلها .

تأمل نظم الآية العجيب كلمات إلهية لا يصلح في مكانها غيرها تعبر عن
معانيها في دقة و إحكام ، وتنبعث منها لطائف و أنوار ، و ينطوي تحتها
الكثير من العجائب و الأسرار ، و جمل ربانية متناسقة متلاحقة قد فصلت على
معانيها بمقدار ، و حروف ذات أصوات و أنغام تبعث في الصورة الحركة و تبث
فيها الحياة .

تأمل نظم الآية العجيب كلمات إلهية لا يصلح في مكانها غيرها تعبر عن
معانيها في دقة و إحكام ، و تنبعث منها لطائف و أنوار ، و ينطوي تحتها
الكثير من العجائب و الأسرار ، و جمل ربانية متناسقة متلاحقة قد فصلت على
معانيها بمقدار ، و حروف و أنغام تبعث في الصورة الحركة و تبث فيها الحياة .


إنما من يقرأ الآية الكريمة ، يتذوق خلاوتها يخيل إليه أنه يرى هذه الصورة
الغيبية الخفية أمام عينيه و أنه يلمسها و يتقراها بيديه .

أبعد هذا التصوير يأتي مكابر مجهول يصف التشبيه القرآني بأنه عن الإعجاز معزول ؟

قال تعالى : \" مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء ، كمثل العنكبوت
اتخذت بيتاً ، و إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون \" سورة
العنكبوت .

شبه القرآن الكريم حال هؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أندادا في لجوئهم و
احتمائهم بهؤلاء الأنداد الضعفاء المتناهين في الضعف بحال العنكبوت حينما
تأوي إلى بيتها الضعيف الواهن و تحتمي به .

صورة عجيبة تلح على الحس و الوجدان ، و تجتذب إليها الألتفات ، وتسترعي
الانتباه ، و تسترق الأسماع و تبهر الألباب و تستولي على الأحاسيس و
المشاعر ، و يقف أمامها دهاقين الكلام حيارى يتساءلون كيف نظمت هذه الصورة ؟
و كيف تكونت ؟ ثم لا يجدون من يجيبهم على تساؤلاتهم ، لأن البشر مهما
أوتوا من البراعة و البيان لا يمكنهم الوصول إلى معرفة سر نظم القرآن .

إنها تصور لك هؤلاء العباد الغافلين بصورة العناكب الضئيلة الواهنة ، و
تصور لك هؤلاء الضعفاء العاجزين بصورة بيت العنكبوت الذي يضرب به المثل في
الضعف و الوهن .

و أظنك أيها القارئ الكريم لست في حاجة إلى أن أحدثك عن نظم هذه الصورة
البلاغية فذلك متروك لذوقك و إحساسك ، و لكنني أدعوك إلى النظر و التأمل في
الكلمات التي اختيرت للمشبه به و نظمت منها صورته \":كمثل العنكبوت
اتخذت بيتا..\" هل في مقدورك أو في مقدور أي بليغ مهما كان حظه من
الفصاحة البيانية ، و مهما كان يحفظ من مفردات اللغة العربية أن يأتي
بألفاظ تسد مسد هذه الألفاظ التي نظمت منها صورة المشبه به ؟ إن أحداً من
البشر لن يستطيع ، واللغة العربية على اتساع مفرداتها ليس فيها ما يسد مسد
هذه الألفاظ .

إنها الصياغة الإليهة يقف البشر أمامها عاجزين حيارى مذهولين .

قال تعالى : \" و اتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ، فاتبعه
الشيطان فكان من الغاوين ، ولو شئنا لرفعناه بها ، و لكنه أخلد إلى الأرض ،
و اتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث \" سورة
العنكبوت .

تأمل الصورة التشبيهية التي اشتملت عليها الآية الكريمة .

لقد شبه القرآن الكريم في هذه الآية حال الكذب بآيات الله في إصرار على ضلاله في جميع أحواله كالكلب في إدامه اللهثان .

إنها صورة فنية رائعة أحكم القرآن الكريم صياغتها ، و أجادت الريشة الإلهية
رسمنها ، تكشف في جلاء ووضوح عن حقيقة هذا الكذب الضال ، إنه حقير قذر ،
لا يؤثر فيه النصح و الإرشاد و لا ينفع معه الوعظ و التذكير ، قد ركب رأسه ،
ولج في ضلاله ، واتخذ الشيطان إلها من دون الله ثم تأمل الكلمات التي نظمت
منها صورة المشبه به لا تجد في مفردات اللغة ـ على كثرتها ، من بقوم
مقامها و يسد مسدها ، ثم تأمل كلمة \" الكلب \" وحدها لا تجد كلمة في
اللغة تصور هذا المعنى و تبرزه في صورة حية متحركة سواها ، إذ كل مخلوق
إنما يلهث من مرض أو عطش أو إعياء إلا الكلب فإنه يلهث في جميع أحواله في
حال الدلال و في حالة الراحة ، و في حالة الصحة و المرض وفي حالة الري و
العطش .

قال تعالى : \" و حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون \"

شبه القرآن الكريم الحور العين باللؤلؤ المكنون في الصفاء و النقاء و الهدوء و الصيانة .

تأمل نظم هذه الصورة التشبيهية الإلهية أنه فوق طاقة البشر . ثم تأمل هذه
الكلمة العجيبة \" اللؤلؤ \" هل في مقدورك أو في مقدور أي بليغ مهما
أوتي من البراعة و البيان أن يأتي بكلمة أخرى تؤدي معناها ، و تصور ما
صورته ؟ ثم تأمل الدقة في صفة هذا اللؤلؤ بكونه مكنونا.

إن اللؤلؤ فيه الصفاء و الهدوء و النقاء ، وهو أحجار كريمة من شأنها أن تصان و يحرص عليها .

تأمل الارتباط العجيب و الصلة الوثيقة بين الحور العين و اللؤلؤ المكنون ،
إنه الإعجاز يلبس ثوب التشبيه فيقف البلغاء أمامه ضعفاء قد استولت عليه
الحيرة و سيطرت على عقولهم الدهشة و داعبت أنامل الإعجاب حبات قلوبهم .
فخروا ساجدين لعظمته ، و شهدوا بأنه البيان الإلهي الذي لا يقدر عليه بشر .


قال تعالى : \" يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ، و تكون الجبال كالعهن المنفوش \"

شبه القرآن الكريم الناس يوم القيامة بالفراش المبثوث في ضعفهم و ضالتهم و تهافتهم .

و شبه الجبال بالعهن \" الصوف \" المنفوض في هشاشتها و خفتها .

مشهدان رائعان رسمتهما الريشة الإلهية فأجادت و أعجزت ، و سخرت و أدهشت .

تأمل هذه الكلمة \" الفراش \" إنها تصور لك بظلها و جرسها ، و إيحائها
الناس في هذا اليوم في منتهى الضعف و الضالة ، وهم مستطارون مستخفون من هول
هذا اليم .

و تأمل الدقة في وصف الفراش في وصف الفراش بكونه مبثوثاً أن هذا الوصف يصور
لك كثرة الناس في هذا اليوم و تهافتهم . ثم حدثني بربك هل في مفردات اللغة
كلمة تصور هذا المشهد سوى هذه الكلمة القرآنية ؟

و هل هناك أعجب من هذه الدقة في وصف الفراش بكونه مبثوثاً ؟

ثم دقق نظرك في كلمة \" العهن \" هل في قواميس اللغة العربية كلمة أقدر
على تصوير هذا المشهد من هذه الكلمة ؟ إنها بجمالها وظلها و جرسها الساحر
تصور لك الجبال الضخمة الثابتة بالصوف المنقوش الذي تتقاذفه الرياح الهوج .
ثم تأمل بعقلك ر خيالك الدقة و الإحكام في وصف العهن بكونه منفوشاً إن هذا
الوصف يصور لك الجبال الضخمة الثابتة في منتهى الهشاشة و الخفة .

إنه النظم القرآني يبهر العقول ، و يطير بالألباب ، و يذهب بسر البلاغة و سحر البيان .












توقيع : السفير المجد




خياراتالمساهمة

اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث I_icon_minitimeالإثنين 2 يونيو 2014 - 19:38
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبه:
عضو ذهبي
الصورة الرمزية

avatar

البيانات
الدولة : اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث 610
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 413
تاريخ الميلاد : 09/05/1966
تاريخ التسجيل : 27/04/2013
العمر : 58
العمل/الترفيه : أستاذ التعليم الابتدائي
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

مُساهمةموضوع: رد
♥ سبحــآآن آللـھ?ہ ? بحمدھ? سبحــآآن آللـھ?ہ آلعظيّـمَ ♥

اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث


بارك الله فيك أخي السفير المجد وجزاك الله كل خير





توقيع : احمد




خياراتالمساهمة

اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث I_icon_minitimeالسبت 7 يونيو 2014 - 18:50
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مشارك
الرتبه:
عضو مشارك
الصورة الرمزية

manicha

البيانات
الدولة : اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث 610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 106
تاريخ الميلاد : 31/07/1974
تاريخ التسجيل : 19/04/2014
العمر : 49
الموقع : خنشلة
العمل/الترفيه : استاذة التعليم الابتدائي
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

مُساهمةموضوع: رد
♥ سبحــآآن آللـھ?ہ ? بحمدھ? سبحــآآن آللـھ?ہ آلعظيّـمَ ♥

اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث


كيف حالك أستاذ؟ نسأل الله لك دوام العافية وجزاك اله خيرا





توقيع : manicha




خياراتالمساهمة

اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث I_icon_minitimeالجمعة 13 يونيو 2014 - 19:06
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة
الرتبه:
مشرفة
الصورة الرمزية

mimia

البيانات
الدولة : اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث 610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 504
تاريخ الميلاد : 28/07/1980
تاريخ التسجيل : 02/04/2013
العمر : 43
الموقع : منتديات السفير المجد للتربية والتعليم
العمل/الترفيه : أستاذة
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

مُساهمةموضوع: رد
♥ سبحــآآن آللـھ?ہ ? بحمدھ? سبحــآآن آللـھ?ہ آلعظيّـمَ ♥

اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث


ألف سلام وتحية لك أستاذ وجزاك الله كل الخير على ما تقدمه من مواضيع متميزة





توقيع : mimia




خياراتالمساهمة

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة




الــرد الســـريـع
..

خدمات الموضوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث , اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث , اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث ,اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث ,اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث , اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 40 ( الأعضاء 17 والزوار 23)




اعجاز القرآن والسنة الجزء الثالث Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الأنبتوقيت الجزائر