هذه قصة البطر والإستعلاء في الأرض..وترك شكر الله على النعم
كان قارون من قوم موسى"عليه السلام" كان اسمه يصهر بن قاهث بن يعقوب وكان في النسب إلى موسى ابن عمه.
وكان في غاية فقهه وفهمه فكان أعلم بني إسرائيل بعد موسى وهارون ، وأقرأهم للتوراة وأجملهم هيئة وطلعة ، وكان عاملاً لفرعون على بني إسرائيل ، عندما كانوا بأرض مصر ، فبغى عليهم وظلمهم وجمع منهم أموالاً طائلة وترفع على قومه وتكبر ، فلما دعاه موسى عليه السلام للإيمان وترفق معه في الدعوة لقرابته ، نافق في إظهار إسلامه ،
وقيل ان قارون هو أول من أطال ثيبه حتى زادت عن قامته شبراً.
وكان من قصة قارون أن الله رزقه باموال عظيمة جداً..حتى قيل :كانت مفاتيح خزائنه من جلود تحمل على أربعين بغلاً.
وأخذ يزداد مالاً وتكبراً يوماً بعد يوم ، وجعل له أتباعاً كأتباع موسى عليه السلام ، وإتخذ له قصراً جعل أبوابه من الذهب يجتمع فيه مع ناديه من بني إسرائيل فيطعمهم ويسامرونه ويجالسهم فيضحكونه ، قال تعالى : ( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم ) 76 القصص .
فكان ( قارون ) أغنى أهل الأرض في زمانه ، فعندما أراد الله أن يصف ثروته في كتابه العزيز ، قال بأن مفاتيح خزائنه يعجز عن حملها العصبة اولو القوة من الرجال ، وقيل العصبة سبعون رجلاً ، وقد سمى القرآن الكريم خزائنه بأنها كنوز ، لما قيل بأن سبب ثروته عثوره على كنز من كنوز يوسف عليه السلام ، أو لأنه إكتنز أمواله فلم يؤد عنها زكاتها ، وكان يحمل هذه المفاتيح على أربعين بغلاً ، إذ كانت البغال وسيلة الركوب وقتها ، ويأخذها معه أينـما ذهـب تكبراً واستعلاء عـلى القوم ، قـال تـعالى : ( وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة اولى القوة ) 76 القصص .
ولما نزلت الزكاة على ( موسى ) عليه السلام وعلم بها قارون ، أتى إلى موسى وصالحه على كل ألف من الدراهم درهماً واحداً ، وكذلك على بقية الأموال بجميع أنواعها ، والأنعام بكل أصنافها ، ثم عاد إلى مجلسه مع رفاقه ، فجمع ما سوف يدفعه زكاة لموسى فوجدها أموالاً طائلة فاستكثرها ولم تسمح بها نفسه ، فجمع بني إسرائيل وأخبرهم بأن موسى قد أمركم بكل شيء فأطعتموه ، وهو الآن يريد أخذ أموالنا منا ، فقالوا إنك أميرنا فانظر ماذا تأمرنا به فإنا له فاعلون .
دبر ( قارون ) مكيدة عظيمة يتخلص بها من دعوة موسى عليه السلام محاولاً إظهار كذب دعوته أمام الملأ ليمنعهم عن طاعته في دفع الزكاة.
فقال لبني إسرائيل: "إن موسى يقول من زنى رجم,فتعالوا نجعل إمرأة باغية تقول أن موسى فعل بها هذا فيرجم ونستريح منه"
ففعلوا ذلك!
فخرج في زينته وهيئته يختال أمام القوم ، وطلب إلى المرأة العاهرة أن تشهد معه فيما يقول لموسى عليه السلام ، عندما يلقاه ويحاول تقديم النصح والدعوة له ، وخرج ( قارون ) في زينته ومن حوله الخدم والحشم في ركابهم المحلاة بالذهب والياقوت ، والخدم ممن يقومون على خدمته ، أما الحشم فهم الذين يدافعون عنه ويغضبون لغضبه فيثأروا له نيابة عنه ، فلما رآه القوم إفتتن به بعض المؤمنين ضعاف النفوس ، وقالوا ليت لنا مثل ما اوتي قارون من الغنى واليسار ، وظنوا أنه ذو حظ عظيم عند الله إذ وهبه كل هذا .
خرج ( موسى ) عليه السلام كعادته في يوم زينتهم ، ليدعوا الناس إلى عبادة الله ، وكان قد سمع قوا أتباعه في موكب قارون وعلم أن الفتنة دبت في نفوسهم ، فأخذ يذكرهم بتعاليم دينهم ويحثهم على فعل الخيرات والإمتناع عن الرذيلة والفساد .
فتقدم ( قارون ) وإتهم موسى في شرفه قائلاً :" كيف تنصحنا وتفعل منكراً "، وأشار إلى المرأة العاهرة وطلب من القوم أن يسألوها عما كان من موسى معها ولما جاءت عظم عليها موسى، وارتعدت المرأة وتلعثمت ، وعلمت أنها أمام رسول كريم
وسألها موسى بالذي فلق البحر لبني إسرائيل إلا صدقت؟
فأقرت المرأة بالحق ,فخر موسى ساجداً لله يبكي,فأوحى الله إليه:"إني أمرت الأرض أن تطيعك فأمرها بما شئت" فأمرها ,فخسفت بقارون ومن معه.
وقال بن كثير: خُسف به إلى الأرض السابعة
ولكن ما أغنى عنه ماله وما جمعه ولا خدمه ولا حشمه ولا دفعوا عنه نقمة الله وعذابه