أهلا وسهلا بك إلى منتديات السفير المجد للتربية والتعليم.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لا يمكن الحديث عن العملية التعليمية- التعلمية أو العملية الديداكتيكية إلا بالتوقف عند مفهومين أساسيين في مجال التعليم بالتعريف والتحليل والاستكشاف، وهذان المفهومان هما:
البيداغوجيا (la pédagogie والديداكتيك(la didactique.
ومافتئ هذان المصطلحان العويصان يثيران إشكاليات عدة على مستوى المفهوم، والتصور النظري، والتطبيق العملي، إذ يصعب التفريق بينهما بشكل علمي دقيق؛ نظرا لتداخل هذين المفهومين في كثير من الدراسات العلمية والمعاجم والقواميس التربوية، ويصعب معه - كذلك - تبيان الحدود الفاصلة بينهما بشكل جلي و واضح.
إذاً، ما مفهوم البيداغوجيا؟ وما المقصود بالديداكتيك؟ وما أهم مكونات العملية الديداكتيكية أو ما يسمى أيضا بالعملية التعليمية- التعلمية؟ هذا ماسوف نرصده في المباحث التالية: مفهوم البيداغوجيا:[size=32] تعني البيداغوجيا ((la pédagogie ، في دلالاتها اللغوية، تهذيب الطفل وتأديبه وتأطيره وتكوينه وتربيته. وقد تعني الذي يرافق المتعلم إلى المدرسة. وتدل أيضا على التربية العامة، أو فن التعليم، أو فن التأديب، أو نظرية التربية التي تنصب على جميع الطرائق والتطبيقات التربوية التي تمارس داخل المؤسسة التعليمية. وقد يكون المقصود بها كذلك العلم الذي يتناول التربية في أبعادها الفيزيائية والثقافية والأخلاقية.[/size] ومن المعلوم، أن كلمة البيداغوجيا « إغريقية الأصل، وكانت تدل على العبد الذي يرافق الطفل في تنقلاته، وبخاصة من البيت إلى المدرسة. ولقد تطور استعمال الكلمة، وأصبح يدل على المربي ((Pédagogue . والبيداغوجيا هي جملة الأنشطة التعليمية - التعلمية التي تتم ممارستها من قبل المعلمين والمتعلمين1. « وأكثر من هذا، فالتربية لها علاقة وثيقة بالمدرس والمتعلم، بل تنفتح على الإدارة والأسرة والمحيط الخارجي الذي يؤثر في المدرسة. وقد تعني البيداغوجيا تلك النظرية التربوية التي تهتم بالمتعلم في مختلف جوانبه السلوكية والتعلمية والتثقيفية، وتقدم مجموعة من النظريات التي تسعف المتعلم في تعلمه وتكوينه وتأطيره. ومن ثم، فالبيداغوجيا متعددة الاختصاصات، كما تنفتح على علوم عدة، مثل: علم النفس، وعلم الاجتماع، والبيولوجيا، والديموغرافيا، والإحصاء، والاقتصاد، والفلسفة، والسياسة، وعلم التخطيط، وعلم التوجيه، واللسانيات، والسيميوطيقا، وعلم التدبير، وعلم الإدارة، وعلم الإعلام... هذا، وتنبني البيداغوجيا على ثلاثة عناصر رئيسية هي: المعلم، والمتعلم، والمعرفة. أي: إن المعلم هو الذي ينقل المعرفة إلى المتعلم عبر المضامين والمحتويات، والطرائق البيداغوجية، والوسائل الديداكتيكية...
ويعني هذا أن ثمة مرتكزات تربوية ثلاثة: المعلم، والمتعلم، والمعرفة. فالمعلم هو الذي يقوم بمهمة تكوين المتعلم، ضمن علاقة بيداغوجية. وما يعلمه المعلم من معارف وأفكار ومحتويات ومضامين وخبرات وتجارب يدخل ذلك ضمن علاقة ديداكتيكية .
أما ما يحصله المتعلم من معارف ومعلومات يدخل ضمن علاقات التعلم. والجامع بين المرتكزات الثلاثة يسمى بالفضاء البيداغوجي.
ومن هنا، يتضمن هذا الفضاء التربوي ثلاث علاقات أساسية هي: العلاقة الديداكتيكية (المعلم التعليم المعرفة)، والعلاقة البيداغوجية (المعلم التكوين المتعلم)، وعلاقة التعلم(المتعلم التعلم المعرفة)
وبناء على ماسبق، فإن التربية فعل تربوي وتهذيبي وأخلاقي، يهدف إلى تنشئة المتعلم تنشئة اجتماعية صحيحة وسليمة. ومن جهة أخرى، تساهم التربية في الحفاظ على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وتسعى جادة لتكوين المواطن الصالح. وكذلك تسعى إلى تغيير المجتمع بالتدريج، والدفع به نحو طريق التقدم والازدهار، عبر تحقيق الديمقراطية التشاركية، والعدالة الاجتماعية، والمساواة المثلى. علاوة على ذلك، فالتربية هي التي تنشئ المجتمع نشأة أخلاقية، وترفع من مكانته، وتوصله إلى مصاف الدول المتقدمة والمزدهرة.
وتسعى التربية جادة إلى إدماج الفرد في المجتمع تكيفا وتأقلما وتصالحا وتغييرا، كما تسعى إلى» الإنماء الكامل لشخصية الإنسان، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية. يعني تكوين أفراد قادرين على الاستقلال الفكري والأخلاقي، ويحترمون هذا الاستقلال لدى الآخرين، طبقا لقاعدة التعامل بالمثل التي تجعل هذا الاستقلال مشروعا بالنسبة إليهم. « 2 وعلى العموم، فالتربية هي وسيلة لتحقيق الإبداع والابتكار، و طريقة في الاستكشاف والتأويل والبحث ودمقرطة المجتمع، وترتكز على الحرية، والمبادرة الفردية، وسيادة النقاش الهادف ، وتمثل النقد البناء والحوار السليم من أجل بناء مجتمع متقدم واع، يساهم في خلق الحداثة وبنائها، وإثراء العولمة بما لديه من طاقات منتجة، واختراعات ومكتشفات، ومستجدات نظرية وتقنية وعلمية ومعلوماتية.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور محمد لبيب النجيحي: «ولما كان هدف التربية الأساسي هو تنمية التفكير واستغلال الذكاء ، فمعنى هذا أن التربية تعمل من أجل الحرية الإنسانية. فالتأكيد على نمو الطفل إنما هو تأكيد على تحرير قدراته العقلية من قيودها، وإتاحة الفرصة لها للانطلاق حتى تستطيع أن تستخدم بطريقة فعالة إمكانيات البيئة التي يعيش فيها. ويصبح المجتمع الحر هو المجتمع الذي يشترك أفراده أيضا في تطويره وتوجيه التغيير الاجتماعي الحادث له. وعندما يتمتع أفراد المجتمع بالحرية، فإن التربية تكون بذلك قد أسهمت في بناء مجتمع مفتوح. ونعني بالمجتمع المفتوح المجتمع الذي يسعى عن قصد وتصميم في سبيل تطوره، ولا يعمل فقط على المحافظة على الوضع الراهن. وهذا المجتمع هو مجتمع قد نظم تنظيما يدخل في اعتباره حقيقة التغيير في الأمور الإنسانية. وهو مجتمع يقبل التغير على أنه وسيلة للقضاء على الفساد والانحلال، وأن الذكاء الإنساني والمجهود التعاوني من جميع أفراد المجتمع تؤدي جميعا إلى نمو الإنسانية وتقدمها.» 3 وينضاف إلى ذلك أن التربية تحقق مجموعة من الوظائف الجوهرية، كالتعليم، والتثقيف، والتطهير، والتهذيب، والتنوير، وتحرير الفكر من قيود الأسطورة والخرافة والشعوذة، والسمو بالإنسان نحو آفاق إيجابية ومثالية. مفهوم الديداكتيك:[size=32] [/size]إذا كانت البيداغوجيا تخصصا نظريا عاما ، يتحكم في العلاقة التي تكون بين المعلم والمتعلم، فإن الديداكتيك (la didactique) هو تخصص عملي تطبيقي يتعلق بتدريس مادة معينة، إذ نقول: ديداكتيك العربية، وديداكتيك الفرنسية، وديداكتيك الرياضيات، وديداكتيك العلوم..... ويعني هذا إذا كانت البيداغوجيا مرتبطة بالمتعلم ونظريات التعلم، فإن الديداكتيك لها حيز ضيق، يتعلق بمجال دراسي معين، أو ما يمكن تسميته كذلك بالتربية الخاصة. وللتمييز بين البيداغوجيا والديداكتيك، فالأولى عبارة عن نظرية عامة تعنى بتربية الطفل. في حين، تهتم الثانية بالتدريس ، وتتخذ طابعا خاصا. وإذا كان مصطلح البيداغوجيا قد ظهر قديما مع اليونان، وكان يعني تهذيب الطفل وتأديبه، فإن مصطلح الديداكتيك قد ظهر في منتصف القرن العشرين ، و» استخدم بمعنى فن التدريس أو فن التعليم (Art d?enseigner).هذا هو التعريف الذي قدمه قاموس ((Le Robert سنة 1955 وقاموس((Le Littré سنة 1960 . وابتداء من هذا التاريخ، أصبح المصطلح لصيقا بميدان التدريس، دون تحديد دقيق لوظيفته. وهناك من منظري علوم التربية من اعتبر هانس إبلي ((Hans Aebeli أول من اقترح عام 1951 م إطارا عمليا لموضوع الديداكتيك، في مؤلفه (La didactique psychologie)، حيث نظر إلى الديداكتيك كمجال تطبيقي لنتائج السيكولوجيا التكوينية. « 4 نعني بالديداكتيك طريقة التدريس أو ما يسمى بالعملية التعليمية - التعليمية، وتجمع هذه العملية بين طرفين أساسين هما: المعلم والمتعلم. ومن ثم، تنبني العملية الديداكتيكية على المدخلات، والعمليات، والمخرجات، والتغذية الراجعة. وقد تكون المدخلات أهدافا أو كفايات أو ملكات أو غيرها من التصورات التربوية الجديدة المعترف بها رسميا. و تستهدف هذه المدخلات تسطير مجموعة من الكفايات المزمع تحقيقها في شكل أهداف إجرائية سلوكية، قبل الدخول في مسار تعلمي، أو تنفيذ مجزوءة دراسية، ويتم ذلك بوضع امتحان تشخيصي قبلي في شكل وضعيات إدماجية.
يعني هذا أن العملية التعليمية - التعلمية تنطلق من مدخل أساسي يتمثل في تحديد الأهداف الإجرائية أو الكفايات النوعية من أجل التثبت من تحقيقها. لذا، لابد أن يختار المدرس المحتويات المناسبة، والطرائق البيداغوجية الكفيلة بالتبليغ وتسهيل الاكتساب والاستيعاب. ثم هناك الوسائل الديداكتيكية التي يستعين بها المدرس لتقديم درسه وتوضيحه بشكل جيد. أما المخرجات، فتقترن بقياس الأهداف والقدرات والكفاءات لدى المتعلم على مستوى الأداء والممارسة والإنجاز. ويتحقق هذا القياس عبر محطات التقويم التشخيصي والمرحلي والنهائي. ولايمكن الحكم على الهدف أو الكفاية إلا بالتقويم الذي قد يكون تشخيصيا أو قبليا أو تكوينيا أو إجماليا أو إشهاديا أو مستمرا أو إدماجيا...وبعد ذلك، نلتجئ إلى التغذية الراجعة والدعم والمعالجة الداخلية والخارجية. ويعني هذا كله أن الديداكتيك أو التربية الخاصة تعتمد على الأهداف أو الكفايات من ناحية أولى، والمضامين والطرائق والوسائل الديداكتيكية من ناحية ثانية، والتقويم والفيدباك من ناحية ثالثة. مكونات العملية الديداكتيكية:[size=32] [/size]تنبني العملية الديداكتيكية أو العملية التعليمية - التعلمية على أربع محطات بنيوية أساسية هي: المدخلات، والعمليات، والمخرجات، والتغذية الراجعة. ويتم تفصيلها على الوجه التالي:
المدخلات: تتمثل المدخلات ((Input في رصد مجموعة من الأهداف العامة والخاصة والإجرائية ، أو الاستعانة بمجموعة من الكفايات العامة والمستعرضة والنوعية، حسب فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم. تحديد الأهداف الإجرائية: إذا كانت بيداغوجيا الكفايات تعنى بتحديد الكفايات والقدرات الأساسية والنوعية لدى المتعلم أثناء مواجهته لمختلف الوضعيات - المشكلات في سياق ما، فإن بيداغوجيا الأهداف هي مقاربة تربوية تشتغل على المحتويات والمضامين، في ضوء مجموعة من الأهداف التعليمية - التعلمية ذات الطبيعة السلوكية، سواء أكانت هذه الأهداف عامة أم خاصة، ويتم ذلك التعامل في علاقة مترابطة مع الغايات والمرامي البعيدة للدولة وقطاع التربية والتعليم. وبتعبير آخر، تهتم بيداغوجيا الأهداف بالدرس الهادف تخطيطا وتدبيرا وتقويما ومعالجة. ومن المعروف أن الهدف مصطلح عسكري يعني الدقة والتحديد والتركيز في الإصابة. ويعني اصطلاحا وضع خطة أو إستراتيجية معينة على أساس التخطيط والتدبير والتسيير بغية الوصول إلى نتيجة معينة. ومن ثم، يخضع الهدف للتقويم والرصد والقياس والاختبار والتغذية الراجعة. وعليه، فثمة مجموعة من الأهداف، مثل: الغايات، والأغراض، والأهداف العامة، والأهداف الخاصة، ويمكن توضيحها على الوجه التالي:
الغايات: هي مجموعة من الأهداف العامة أو هي التوجهات والمرامي والأغراض البعيدة التي تريدها الدولة من التربية. بتعبير آخر، الغايات هي فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم، وتتجسد في المنهاج والبرامج الدراسية والمقررات التعليمية ومحتويات الدروس، مثل: عبارة « أن يكون مواطنا صالحا». ومن ثم، فالغايات هي مرام فلسفية وطموحات مستقبلية بعيدة، تتسم بالغموض والتجريد والعمومية. ويعرفها محمد الدريج بأنها « غايات لأهداف تعبر عن فلسفة المجتمع، وتعكس تصوراته للوجود والحياة ، أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة، مثل قولنا: « على التربية أن تنمي لدى الأفراد الروح الديمقراطية» أو «على المدرسة أن تكون مواطنين مسؤولين» أو « على المدرسة أن تمحو الفوارق الاجتماعية...»...إلخ. فهذه أهداف عامة تتموضع على المستوى السياسي والفلسفي العام ، وتسعى إلى تطبيع الناشئة بما تراه مناسبا للحفاظ على قيم المجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية. 1 « ومن ثم، فالغايات هي أهداف تربوية كبرى تختلط بالسياسة العامة للدولة، وغالبا ما تكون أهدافا بعيدة ومجردة وفضفاضة. الأهداف العامة أو الأغراض: يقصد بالأغراض أو الأهداف العامة توجهات التربية والتعليم.أي: تتعلق بأهداف قطاع التربية والتعليم في مجال التكوين والتأطير والتدريس. ومن ثم، فللتعليم الابتدائي أهدافه العامة، وللتعليم الإعدادي والثانوي أهدافه العامة، وللتعليم الجامعي أهدافه العامة، وللتكوين المهني كذلك أهدافه ومراميه وأغراضه. ويعني هذا أن الأغراض أقل عمومية من الغايات، وترتبط بفلسفة قطاع التربية والتعليم. في حين، ترتبط الغايات بسياسية الدولة العامة، كأن نقول - مثلا - يهدف التعليم المهني إلى تكوين مهنيين محترفين في مجال التكنولوجيا والصناعة. الأهداف الوسطى: تتموقع الأهداف الوسطى بين الأهداف العامة والأهداف الخاصة. بمعنى أنها أقل عمومية وتجريدا من الأهداف العامة، وأقل إجرائية وتطبيقا من الأهداف الخاصة. وبالتالي، فالصنافات المعرفية والانفعالية والحسية الحركية عبارة عن مراق لأهداف متدرجة في العمومية، بيد أنها تقترب من الخصوصية، مثل: أن يعرف التلميذ أخوات كان، و يستظهر القصيدة الشعرية، و يتذوق الشعر، ويقفز بالزانة... الأهداف الخاصة: يقصد بالأهداف الخاصة الأهداف السلوكية أو الأهداف الإجرائية. ونعني بالأهداف الإجرائية تلك الأهداف التعليمية القابلة للملاحظة والقياس والتقييم. وغالبا ما تصاغ في شكل أفعال مضارعة محددة بدقة. ويعني هذا أن الهدف الإجرائي هو إنجاز فعلي خاضع للقياس والملاحظة الموضوعية، وقد يكون هدفا معرفيا أو وجدانيا أو حسيا حركيا. وفي هذا الصدد، نقيس سلوك المتعلم، لا سلوك المدرس، بأفعال مضارعة محددة بدقة قياسية. وفي هذا السياق، يقول محمد الدريج: « يمكن أن نلاحظ بأن صياغة الأهداف الخاصة تكون دائما صياغة واضحة ، وتكون لكلماتها معان واحدة غير قابلة للتأويل. إن صياغة الهدف الخاص يجب أن تتجنب العبارات الضبابية التي توحي بعدد كبير من التأويلات التي قد يفرضها تباين الأشخاص، واختلاف المواقف؛ مما قد يؤدي إلى تعطل التواصل بين المدرس والتلاميذ وبينه وبين زملائه في الفصل. ثم إن ما يميز الأهداف الخاصة هو كونها تصف سلوكا قابلا للملاحظة...ثم إن الأهداف الخاصة تحدد شروط ظهور السلوك... « 2 وعليه، فالأهداف الخاصة أو الإجرائية هي أهداف سلوكية تعليمية معرفية، وانفعالية، وحسية حركية، تقيس إنجازات المتعلم بعبارات واضحة ودقيقة. ومن ثم، تكون قابلة للملاحظة والقياس والتقييم. هذا، ويخضع التدريس أو الدرس الهادف لمجموعة من المحطات الإجرائية التي تتمثل في تحديد المداخل الأولية ، بتسطير مجموعة من الأهداف العامة والخاصة المتعلقة بدرس معين، حيث نبدأ بتحديد الهدف العام، ثم نتبعه بالأهداف السلوكية الإجرائية حسب طبيعتها: معرفية، ووجدانية ، وحسية حركية، كما يظهر ذلك جليا في الأمثلة التالية التي تتعلق بدرسنا الافتراضي:
(المبتدأ والخبر). الهدف العام: أن يستوعب المتعلم درس المبتدأ والخبر. الأهداف الإجرائية: - أن يعرف التلميذ الجملة الفعلية في مستهل الدرس. - أن يذكر التلميذ قاعدة المبتدأ والخبر أثناء المرحلة التكوينية. - أن يحدد التلميذ أنواع الخبر أثناء المرحلة التكوينية. - أن يذكر التلميذ خمس جمل اسمية فيها مبتدأ وخبر في آخر الحصة. وهكذا، يحدد المدرس، بمعية المتعلم، الأهداف الأولية المرتبطة بالمقطع التعليمي التمهيدي الذي يرتبط بالأنشطة المكتسبة، وبعملية المراجعة والاستكشاف. ثم يحدد الأهداف الوسطية أثناء مرحلة المقطع الوسطي أو التقويم التكويني. لينتهي الدرس بالأهداف النهائية مع اختتام الدرس. ويعني هذا أن الدرس عبارة عن مجموعة من المحطات والأنشطة الديداكتيكية التي تتلاءم مع أنواع ثلاثة من الأهداف: أهداف أولية، وأهداف وسطية، وأهداف نهائية3، سواء أتعلقت بأنشطة المدرس أم بأنشطة المتعلم. تصنيف الأهداف السلوكية تحديد الكفايات النوعية: تعرف الكفاية ((compétence بكونها قدرات وملكات ذاتية أساسية ونوعية، يتسلح بها المتعلم أثناء مواجهته لوضعية أو مشكلة ما في واقعه الشخصي أو الموضوعي. وبتعبير آخر، الكفاية هي تلك القدرة التي يستدمجها المتعلم حين وجوده أمام وضعيات جديدة معقدة ومركبة. ومن ثم، يتمثل الذكاء الفعلي في توظيف الكفايات والقدرات لحل المشاكل المستعصية بيداغوجيا وديداكتيكيا وواقعيا. ويعني هذا كله أن الكفايات تشمل مجموعة من المعارف والموارد والمهارات والمواقف التي يستضمرها المتعلم لمواجهة الوضعيات التي يواجهها في محيطه. أي: يستثمر المتعلم موارده حين مواجهة المشاكل المعقدة والوضعيات الجديدة، باختيار الحلول المناسبة، أو التوليف بين مجموعة من الاختيارات لحل المشاكل التي يواجهها في حياته الشخصية والعملية. وعليه، تعرف الكفاية عند جيلي ((GILLET بأنها « نظام من المعارف المفاهيمية (الذهنية) والمهارية (العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية، تمكن في إطار فئة من الوضعيات، من التعرف على المهمة - الإشكالية، وحلها بنشاط وفعالية» 4 . وتعرف الكفاية - كذلك - على أنها بمثابة « هدف- مرمى، متمركزة حول البلورة الذاتية لقدرة التلميذ على الحل الجيد للمشاكل المرتبطة بمجموعة من الوضعيات، باعتماد معارف مفاهيمية ومنهجية مندمجة وملائمة» 5 . ويعرفها فيليب پيرنو (Perrenoud ( بأنها» القدرة على تعبئة مجموعة من الموارد المعرفية (معارف، و قدرات، ومعلومات، إلخ)، بغية مواجهة جملة من الوضعيات بشكل ملائم وفعال» 6 . ويرى محمد الدريج بأن هذه الكفايات» ينظر إليها على أنها إجابات عن وضعيات - مشاكل تتألف منها المواد الدراسية» 7 . وعلى العموم، فالكفاية هي مجموعة من القدرات والمهارات والمعارف، يتسلح بها التلميذ لمواجهة مجموعة من الوضعيات والعوائق والمشاكل التي تستوجب إيجاد الحلول الناجعة لها بشكل ملائم وفعال. ويظهر لنا ، من خلال هذه التعاريف ، أن الكفاية تنبني على عناصر أساسية، يمكن حصرها في: القدرات والمهارات. الإنجاز أو الأداء. الوضعية أو المشكل. حل الوضعية بشكل فعال وصائب. تقويم الكفاية بطريقة موضوعية. وهكذا، يبدو لنا بأن الكفاية مرتبطة أشد الارتباط بالوضعية/ الإشكال.أي: إن الكفاية قائمة على إنجاز المهمات الصعبة، وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة في الواقع الموضوعي. إذاً، فالعلاقة الموجودة بين الكفاية والوضعية هي علاقة جدلية وثيقة ومتينة، وعلاقة استلزام اختباري وتقييمي وديداكتيكي. هذا، وتنقسم الكفايات، في مجال التربية والتعليم، إلى أنواع عدة، يمكن حصرها فيما يلي: الكفايات النوعية : تتحدد هذه الكفايات في مقابل الكفايات الممتدة أو المستعرضة. ويعني هذا أن الكفايات النوعية هي التي يكتسبها المتعلم في فترة مدرسية محددة. أي: إن هذه الكفايات مرتبطة بمادة دراسية معينة، أو مجال نوعي أو تخصص مهني معين. لذلك، فهي أقل شمولية وعمومية من الكفاية المستعرضة، وهي السبيل إلى تحقيق الكفايات الممتدة. الكفايات الممتدة أو المستعرضة : هي تلك الكفايات المشتركة التي تجمع بين تخصصات متعددة. بمعنى أن الكفاية الموسعة هي التي تتوزع بين مجموعة من المواد والتخصصات، ويمكن امتلاكها بعد فترة من التعلم والتحصيل الدراسي، مثل: اكتساب منهجية التفكير العلمي، وهي كفاية توجد في جميع المواد الدراسية. وتمتاز الكفايات الموسعة بأنها كفايات عليا وقصوى وختامية، تتطلب نوعا من الإتقان والانضباط والمهارة والاحتراف، وتستوجب أيضا كثرة التعلم والتحصيل الدراسي؛ لأن هذه الكفايات هي نتاج تفاعل مع تخصصات ومواد دراسية عدة. الكفايات الأساسية: هي كفايات قاعدية أو جوهرية أو دنيا، وهي كفايات ضرورية في مجال التربية والتعليم، مثل: كفاية القراءة، وكفاية الكتابة، وكفاية الحساب بالنسبة للتعليم الابتدائي. بمعنى أن الكفايات الأساسية هي التي تنبني عليها العملية التعليمية - التعلمية، أو يبنى عليها النسق التربوي. كفاية الإتقان: هي كفاية تكميلية، وليست أساسية وضرورية ، فعدم الغرق أثناء السباحة هي كفاية أساسية. بيد أن الرشاقة، والسرعة، والسباحة في فريق، واحترام قواعد السباحة، هي كلها كفايات تكميلية، أو كفايات إتقان وجودة.
ومن جهة أخرى، تصنف الكفايات إلى معارف، ومواقف، ومهارات، وكفايات لغوية، وكفايات ثقافية، وكفايات تواصلية، وكفايات منهجية... [size=32]العمليات:[/size] تعني العمليات ((Processus الأنشطة التعليمية - التعلمية المرتبطة بالمحتويات، والوسائل الديداكتيكية، وطرائق التدريس. [size=32] [/size]المضامين أو المحتويات:[size=32]
[/size]لا يمكن الحديث عن المضامين والمحتويات الدراسية إلا في علاقتها بالمنهاج والبرنامج والمقرر. ومن ثم، فالمنهاج ((Le curriculum - حسب ميالاري((G.Mialaret - « جملة من الأفعال التي نخططها لاستثارة التعلم، فهو يشمل تجديد أهداف التعليم ومضامينه وطرائقه وأساليب تقويم مواده الدراسية بما فيها بالطبع الكتب المدرسية ، كما يشمل بهذا المعنى مختلف الاستعدادات المتعلقة بالتكوين الملائم للمعلمين.1 « إذاً، فالمنهاج هو عصارة فلسفة الدولة، وهو الإطار التربوي العام الذي يشمل التوجهات المستقبلية التي تصبو الدولة إلى تحقيقها. كما أنه « نسَق تعليمي شامل، حلقاته مُترابطة ومتكاملة فيما بينها، ومتسلسلة بشكل منطقي، يُشتقُّ بعضها مِن بعض في سياق تَنطلِق مكوناته من الكل إلى الجزء؛ حيث تُحدَّد في البداية حاجيات المجتمع مِن المؤسَّسة التعليمية، يلي ذلك الغايات التي تمثِّل الاختيارات والتوجُّهات التربوية العامة، ثم بعد ذلك، المرامي. أي: تحديد المواصفات المُنتظَرة للمُتعلِّمين المُتخرِّجين، مِن خلال تكوينهم تكوينًا يَستجيب للغايات التربوية والحاجيات الاجتماعية المرسومة، وَفق تخطيط منهجي مضبوط، قصد تحديد الكفايات والقدرات العامَّة المُستهدَفة، وكذا الوسائل الديداكتيكية لاكتسابها وسبُل تقويمها. ومن هنا، فالمنهاج مخطَّط عمل بيداغوجي أكثر شمولاً مِن البرنامج التعليمي، إنه يتضمَّن بشكل عام، إلى جانب البرامج في مختلف المواد الدراسية، تحديدًا لغايات التربية، وتخصيصًا للنشاطات التعليمية، ثم تعليمات دقيقة حول الكيفية التي سيتم بها تقويم التعليم أو التعلم.إنه تخطيط للعمل البيداغوجي أكثر اتساعًا مِن البرنامج / المُقرَّر؛ فهو لا يتضمَّن فقط مُقرَّرات المواد، بل أيضًا غايات التربية وغايات التعليم، وكذلك الكيفيَّة التي يتسم بها التدريب والتعلُّم» . 2 أما البرنامج ((Programme التعليمي، فيطلق على مجمل الوثائق التي تحدد مختلف المراحل الدراسية، والمواد التي ينبغي تدريسها للمتعلمين، والمعارف المطلوبة في الامتحانات. ومن ثم، يقال برنامج التعليم الابتدائي، وبرنامج التعليم الإعدادي، وبرنامج التعليم الثانوي. وبالتالي، فالبرنامج أقل تجريدا من المنهاج الذي يعبر عن فلسفة الدولة وغاياتها في مجال التربية. بمعنى أن البرنامج هو الذي يجسد المنهاج الدراسي في شكل مواد ومقررات معينة ومحددة بدقة3 . إذاً، فالبرنامج هو قائمة مِن المواد الدراسية مصحوبة بإشارات منهجية، ومُرفَقة بتعليمات حول الطريقة التي يَنبغي أن تتبع في عملية التدريس. أما المقرر( (Manuel الدراسي، فهو الكتاب المدرسي الذي يدرسه الطالب في مكان معين، وفي بيئة معينة، وضمن مناخ تربوي معين، وداخل فصول دراسية معينة، مثل: مقرر التاريخ، ومقرر الفلسفة، ومقرر العلوم الطبيعية... ويعني هذا كله أن المحتويات التي يكتسبها المتعلم مرتبطة بالمناهج المدرسية التي ترتبط بفلسفة الدولة وتوجهاتها المستقبلية العامة؛ ومرتبطة أيضا بالبرنامج التربوي الذي يحول تلك الفلسفة إلى مواضيع وعناوين ومحتويات دراسية معينة؛ والمقرر الدراسي الذي يفصل تلك المفاهيم والعناوين العامة في شكل نصوص وخبرات دراسية وأنشطة تعليمية- تعلمية تبدو أكثر وضوحا وإجرائية وبروزا. وعليه، فالمحتويات هي مجموعة من المضامين والخبرات والتعلمات التي ينبغي أن يكتسبها المتعلم أثناء السنة الدراسية، إما في شكل مقرر دراسي، وإما في شكل مجزوءات أساسية أو ثانوية أو مساعدة أو داعمة ، وإما في شكل وحدات تعليمية معينة. ومن ثم، « فالمادة التعليمية ومحتوياتها التعليمية تعد عنصرا هاما من عناصر التربية التعليمية.إن التعليم يمارس دائما بفضل مواد دراسية يهدف من خلال مضامينها تحقيق أهدافه العامة والخاصة.ذلك أنه عندما نرغب في صياغة الأهداف التربوية، فإن محتويات التعليم تبقى، بالإضافة إلى سلوك التلميذ ومستواه عند بداية التعلم، من أهم المعطيات التي نحدد وفقها أهدافنا وغاياتنا.وسبق أن رأينا كيف أن الصياغة الإجرائية للأهداف لاتستقيم إلا بمراعاة طبيعة المادة الدراسية وخصوصياتها وما تتطلبه من قدرات...إلخ وما نعنيه بمحتوى التعليم - يقول محمد الدريج - هي كل الحقائق والأفكار التي تشكل الثقافة السائدة في مجتمع معين، وفي حقبة معينة، إنها مختلف المكتسبات العلمية والأدبية والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها مما تتألف منه الحضارة الإنسانية، ومما تزخر به الثقافات الشعبية المحلية في كل البقاع، والتي تصنف في النظام الدراسي إلى مواد مثل: اللغة والحساب والتاريخ والجغرافيا...إلخ . على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها دون سواه، يتم بناء على الغايات والأهداف المتوخاة. في حين، يبقى تنظيم المحتوى رهينا بمتطلبات العملية التعليمية ذاتها وبأشكال العمل الديداكتيكي. أي: ما يصطلح على تسميته بطرائق التدريس. « 4 هذا، وتستلزم البيداغوجيا الإبداعية ، أثناء وضع المقررات والمناهج والبرامج الدراسية، أن تحترم مرحلة الحفظ، ومرحلة التقليد والمحاكاة، ومرحلة التجريب والتجاوز، ومرحلة الإبداع. ومن جهة أخرى، تبنى المقررات الدراسية على مجموعة من المبادئ الأساسية هي: مبدإ التوحيد، ومبدأ التعميم، ومبدأ التنويع، ومبدأ التدرج، ومبدأ المواكبة، ومبدأ التخطيط، ومبدأ التدبير، ومبدأ التنظيم، ومبدأ التوزيع، ومبدأ التقويم، ومبدأ التمهيد، ومبدأ العرض، ومبدأ الربط، ومبدأ الاستنتاج، ومبدأ الاستدلال، ومبدأ التمثيل، ومبدأ التطبيق، ومبدأ التأرجح بين المحسوس والمجرد، ومبدأ القيم والهوية الإسلامية الأصيلة، ومبدأ التمثل العملي.
هذا، ويقصد بالقيم مجموعة من الأخلاق والتمثلات السلوكية والمبادئ الثابتة أو المتغيرة التي ترتبط بشخصية الإنسان إيجابا أو سلبا. وبالتالي، تحدد كينونته، وطبيعته، وهويته، انطلاقا من مجموع تصرفاته الأدائية والوجدانية والعملية. ومن المعلوم أن كلمة القيم، من الناحية الصرفية، جمع قيمة. ومن ثم، تحيل كلمة القيمة على مكانة الإنسان التي يتبوأها بين الناس، وشأنه في المجتمع. كما ترتبط هذه القيمة حكما وتقييما بالأفعال البشرية والتصرفات الإنسانية بشكل ذاتي وموضوعي. هذا، وتتخذ القيم أبعادا جمالية، وسياسية، واجتماعية، وثقافية، ودينية، وفلسفية. ويعلم كل منا أن الكتب السماوية قد صورت القيم في كل تجلياتها المتنوعة، وقد حثت الإنسان على التمثل بالقيم الفضلى، والالتزام بالأخلاق السامية العليا من أجل الفوز بالجنة، والابتعاد عن النار. وفي المقابل، نهته عن الإتيان بالقيم الأخلاقية المشينة المنافية لمبادئ الكتب السماوية، والمتعارضة مع شرائعها الربانية. ويعني هذا كله ضرورة تجديد المضامين بشكل دوري ومرحلي ، وتحديث المحتويات بشكل متدرج، عن طريق إدراج ما هو جديد وعصري، مع الحفاظ على ما هو هوياتي وأصيل من القيم والأفكار والتصورات.